الخميس، 21 أبريل 2016

عن ترجمة آيات من سورة "الإسراء" إلى اللغة العبرية


***************************************
بسم الله الرحمن الرحيم
" ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا" (6)
ترجمة ريڤلين:
6 אַחֲרֵי כֵן הִגְבַרְנוּ אֶתְכֶם עֲלֵיהֵם, וַנִתְמוךְ בָּכֶם בְּהון וּבָנִים, וַנָּשֶת אֶתְכֶם הָרַבִּים לְעַם מִלְחָמָה:
* ترجمة الترجمة:
6 بعد ذلك جعلناكم تتغلبون عليهم, ودعمناكم بمال وبنين, وجعلناكم الأكثر شعبًا محاربًا"

جدير بالذكر أن "ريڤلين" يضع أرقام الآيات في مستهل الآيات وليس في نهايتها كما هو في القرآن الكريم. وهو بذلك يطبق قواعد كتابة التوراة على القرآن الكريم!
• ترجم "ريڤلين" العبارة القرآنية:" ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ" بـ "بعد ذلك جعلناكم تتغلبون عليهم", ويتضح قوة بيان عبارة القرآن الكريم بردّ الكرّة وهو تعبير يدل على المساجلة بين الفريقين, لأن الكرّةَ في اللغة العربية هى المرّة والحملَة, فالتعبير بها فيه وصف دقيق لإنتقال القوة والغلبة بينهما, وهو ما غاب عن التعبير الذي استخدمه المترجم.
• وترجم العبارة القرآنية: "وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ" بـ "ودعمناكم بمال وبنين", أي رزقناكم المال والبنين لما استقمتم وكففتم عن ارتكاب المعاصي والإفساد, وهذا في حقبة من حقب استقامتهم, وطاعتهم للرب.
• وترجم "ريڤلين" العبارة القرآنية: "وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا" بـ "وجعلناكم كثيرًا شعبًا محاربًا", والمقصود بالعبارة القرآنية زيادة أعداد بني إسرائيل عمّا كانت من قبل. وزاد "ريڤلين" عبارة "شعبًا محاربًا" وهو قد ترجم كلمة "نفيرًا" بمعنى الخروج للحرب لأن ذلك يستتبع عندهم النفخ في البوق أو ما يعرف بالعبرية بالـ "شوفار" إيذانًا بالخروج للحرب, وهى إضافة لا يجوز إضافتها للنص الأصلي بأي حال من الأحوال.

بسم الله الرحمن الرحيم
"فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مّفْعُولاً" (5)
الترجمة:
(5) וַיְהִי בְּבוא הָרִאשונָה לִשְתֵּי פְקֻדּותֵינוּ, וַנִּשְלַח עֲלֵיכֵם עֲבָדִים לָנוּ אַנְשֵי עוז קָשִים, וַיְחַפְּשוּ חַדְרֵי הַמִּשְכָּנות, וַיָקָם הַדָּבָר וַיֶּהִי :
ترجمة الترجمة:
وكان بمجيء أول أمرينا, بعثنا عليكم عبيدًا لنا جبابرة أشداء, فتشوا حجرات المساكن, وتحقق الأمر.
ملاحظات:
• من المعروف أن "إذا" تستخدم ظرفًا لما يستقبل من الزمان, وهذا دليل على أن أولى الإفسادتين لم تحدث بعد, لكن "ريڤلين" جعل الحدث في الزمن الماضي باستخدام الفعل "وكان".
• أسقط المترجم كلمة "وعد" من الترجمة, التي تؤكد على أن الإخبار عن حدث مستقبلي لأن الوعد لا يكون بشيء مضى وإنما بشيء مستقبل, وهذا يخل بالمعنى المراد إخلالا كبيرًا. ولأن الوعد بالإفسادة الأولى غير الإفسادة نفسها. وأدى الحذف إلى تغيير في المركب الإضافي فبدلا من "وعدُ أولاهما", أتى بـ "أول أمرينا", وهذا تبديل غير مبرر لأن "الأمرين" غير محددين ما هما في حين أن "أولاهما" القرآنية, تحدد أولى الإفسادتين المذكورتين في الآية الكريمة.
• ترجم "ريڤلين" "بعثنا عليكم" بـ "أرسلنا عليكم" مع أن أرسل يتعدى بحرف الجرّ إلى لكنه استخدم اللفظ المتاح في العبرية, وخالف الاستخدام اللغوي العبري. واستخدام عليكم في البعث القرآني تدل على الفجأة والعلو والسيطرة والقدرية.
• ترجم "ريڤلين" "عبادًا لنا" بـ "عبيدًا لنا", وهنا مغالطة لأن كلمة "عباد" تطلق في لغة القرآن الكريم على المؤمنين, في الغالب, ذلك لأنها ذكرت حوالي 90 مرة عند الحديث عن المؤمنين, أما كلمة "عبيد" فقد ذكرت 5 مرات عند الحديث عن الكافرين, على أن "عباد" أطلقت على الكافرين أيضًا.
وهذا يغير المعنى ولا تؤدي "عبيد" مراد الله لأن لا ترادف في كلمات القرآن, فضلا عن أن العبيد لا يقومون بعمل ممدوح.
• ترجم "ريڤلين" "أولي بأس شديد" بـ "جبابرة أشداء", مع فارق بين العبارتين فالشدة في الأولى صفة للبأس في حين أنها صفة للجبابرة في عبارة الترجمة. والعبارة في القرآن الكريم هى صفة للمؤمنين المجاهدين الصابرين.
• ترجم المترجم "فجاسوا خلال الديار" بـ "فتشوا حجرات المساكن".
وجاسوا أي: طافوا بها وتخللوها, والجوس طلب الشيء باستقصاء ذاهبين وجائين. ولذلك لا تفي عبارة المترجم "فتشوا حجرات المساكن" بالمعنى المراد من الآية, فضلا عن كونها تقصر معنى "جاسوا" على تفتيش الحجرات, وليس عموم التفتيش والبحث والتحري, في كل مكان.
• ترجم "ريڤلين" "وكان وعدًا مفعولا" بـ "وتحقق الأمر", ولم يذكر كلمة "وعدًا", ذلك لأنه تجاهل كلمة "وعد" في صدر الآية. وفي التعبير بكلمة "الأمر" تجاهل لسلطان الله على هذه الأحداث, فالمعنى المراد : أن القضاء كائنا لا خلف فيه، وكان وعد عقابهم لا بد أن يفعل، أي لا بد من وقوعه، مقضيا أي مفروغ منه. هذا فضلا عن استخدام الفعل كان, في الترجمة العبرية, للدلالة على مضي الحدث.
أما البسملة : "بسم الله الرحمن الرحيم"
فقد ترجمها"بار حسداي" بـ : האל האחד האב הרחמן"
* وتعني : "الإله الواحد الأب الرحمن".
وكما نلاحظ فالمترجم يتعمد تحريف معنى "الرحمن الرحيم" بـ "الإله الواحد الأب" والهدف من ذلك ترسيخ فكرة أن الإسلام يصف الله تعالى بأنه "الأب" شأنه في ذلك شأن المسيحية! كما أنه استعمل لفظ "الإله" بدلا من "الله", ذلك على الرغم من وجود لفظ عبري يدل على تعظيم الإله حين نطقوه في صيغة الجمع للدلالة على تعظيمه وهو "إلوهيم" وهو في العبرية صيغة جمع لـ "إلوَّه : إله.هذا فضلا عن أن المعروف أن لفظ الجلالة لا يترجم, بل ينقل بحروفه.
• وترجمها "بن شيمش" بـ בשם אללה הרחמן והאהוב وتعني "بسم الله الرحمن والمحبوب".
• أما الترجمة الشائعة اليوم للبسملة فهي: בשם אללה הרחמן והרחום
وتعني : "بسم الله الرحمن والرحيم". ولا مكان للعطف الذي أقحمه "بن شيمش" هنا!!
وترجم "ريفلين" كلمة "الإسراء" بـ "رحلة الليل", على الرغم من أن بعض النسخ العربية للمصحف تسمي هذه السورة بـ "سورة بني إسرائيل".
وترجم "بسم المه الرحمن الرحي " بـ "بسم إلوهيم الرحمن والمرحيم".
وهى كما أشرنا أعلاه ترجمة معيبة لا تليق بعظمة الخالق, فكلمة "إلوهيم" هى صيغة جمع من مفرد عبري بمعنى "إله" والمعنى الحرفي للاسم في العبرية "آلهة".
ويلاحظ ان ريفلين لم يقصد ترجمة المعنى بقدر ما قصد ترجمة النص الأصلي دون تفسيره أو معناه.
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً(4)
ترجمها "ريفلين" على النحو التالي:
"ونبيِّن لبني إسرائيل في الكتاب قائلين: ستُفسدون إفسادًا على الأرض مرتين, وستعلن علوًا بدرجة كبيرة"
ملاحظات على ترجمة "ريفلين" لهذه الآية :
1. يطبق على ترجمة معاني القرآن قواعد عبرية قديمة تخص التوراة؛ كاستخدام واو القلب التي هى بالأساس للعطف لكنها تقلب زمن الفعل في التوراة فإذا دخلت على فعل ماضي قلبت زمنه إلى المستقبل, والعكس صحيح أي إذا دخلت على فعل في زمن الاستقبال قلبت زمنه إلى الماضي.
2. اسخدم كلمة "نبيِّن" ترجمة لقضينا, في حين أن "قضينا" فيها معنى الأمر والفصل في الحكم جزمًا, والإعلام والإيحاء, وهى معان غير متوفرة في كلمة عبرية, وكان بإمكانه استعمال أقرب كلمة تؤدي هذه المعاني, وهى "حكمنا".
3. استخدم حرف الجر اللام قبل "بني إسرائيل" وهذا يغير المعنى المراد, حيث إن حرف الجر "إلى" في الآية قد يكون بمعنى "على" ليناسب معنى حكم, أي حكم عليهم.
4. ترجم الكتاب بمجرد كلمة الكتاب, ولم يستخدم كلمة تدل على المعنى المراد أو القريب من المراد في الآية كما في التفاسير كأن يستخدم كلمة "التوراة" أو "اللوح المحفوظ".
5. أضاف كلمة "قائلين" لتوضيح المعنى.
6. وضع نقطتين بعد القول وقبل المقول وهو غير متبع في القرآن الكريم.
7. استخدم صيغة الفعل العادي ستفسدون, خلافًا للنص العربي الذي جاءت اللام في بدايتة جوابًا للقسم, والنون للتوكيد, وهى بلاغة العربية والقرآن الكريم الذي تعجز العبرية عن مطاولتها.
********************
تعدّ هذه النماذج لترجمة معاني بعض آيات القرآن الكريم إلى اللغة العبرية مرآة لمدى قصور تلك الترجمات عن إيفائها بالمعاني التي أرادها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز والتي يتغير مرادها وتفسيرها كلما خطت البشرية خطوة في مضمار الزمن, كما تعدّ من ناحية أخرى مفتاحًا واستشراف أولي للراغبين في عمل دراسات حول تلك الترجمات تمهيدًا لعمل ترجمة لمعاني القرآن الكريم ينجزها مسلمون تكون أقرب ما تكون إلى المعاني المرادة من هذا الهدي السماوي الخالد.
(يتبع)
د. سامي الإمام

أستاذ الديانة اليهودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق