يتبين ممّا سبق أن المسجد
الأقصى الذي تحدثنا عنه بإيجاز غير مخلّ, هو كل تلك المباني القائمة عليه, والتي تسجل
في طابع بنائها ومكانها تاريخًا وقيمة دينية لا يمكن لأحد مهما كان أن يتجاهلها, وما
تشكله من مكانة مقدسة عند جموع مسلمي العالم. ومفهوم المسجد الأقصى, من ناحية أخرى,
ليس مجرد هذه الأبنية, بل الأرض المقامة عليها والتي تبلغ مساحتها, كما ذكرنا سابقا,
حوالي 140 ألف مترًا مربعًا.
وبناء على ذلك يمكننا ذكر
أسباب لعدم إمكانية هدم المسجد الأقصى نوجزها فيما يلي:
1. أن المقصود بالمسجد الأقصى ليس كما قلنا المباني
المقامة على هذه المساحة وحسب بل الأرض أهم من حيث قداستها لأنها أدوم بقاء.
2. تشير متابعة مشروع الحفريات التي تتم تحت الأقصى
وحوله إلى أن المقصود هو تأمين وجود تراث يهودي ديني وتاريخي, ببناء كُنُس, ومعارض,
وقاعات, خاصة منها المقام على طول الحائط الغربي الذي يعدّه اليهود مقدسًا لا يمكن
مسّه. وهذا يحقق طفرة في أعداد السائحين اليهود وغير اليهود.
3. تدعم سلطات الاحتلال الإسرائيلي – بشكل غير
مباشر – زيادة معدل التعدى على الساحة الجنوبية الغربية من الأقصى, عن طريق تشجيع جماعات
بالصلاة فيها وتأدية بعض الطقوس الدينية, والهدف غير المعلن من ذلك هو التمهيد لاقتسام
مساحة يمكن في المستقبل اقتطاعها وبناء "الهيكل الثالث", كما نفهم من مؤلف
كامل يضم جميع ما يلزم لبناء هذا الهيكل. وهو نفس سيناريو المخطط الذي اقتسمت به مساحة
من المسجد الإبراهيمي بالخليل وأصبحت نقريبًا كنيسًا يهوديًا داخل المسجد.
4. تخشى إسرائيل ويهود العالم من غضبة عالمية من
المسلمين لا تبقي ولا تذر إذا ما أقدموا على هدم المسجد الأقصى, لا بل أي بناء مقدس
داخل هذه البقعة المباركة التي يقدسها المسلمون خاصة أنها تدخل في صلب عقيدة المسلم؛
فحديث : لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد .." من بينها المسجد الأقصى, يجعل
تحدي مشاعر المسلمين بالهدم أمرًا مستحيلا. وأغلب كما أشرنا هو إقامة هيكل, أو كنيس
يهودي هو الحد الأقصى المطلوب من إشاعة النسف التي تحسنها جيدًا الميديا الصهيونية
الإسرائيلية والعالمية.
5. المتتبع للسلوك الإسرائيلي يجد أنهم يعلنون
ويشيعون سقفًا مرتفعًا من المطالب يجعل من المتصور والمستشعر وقوع كارثة شديدة لا قبل
للمسلمين بها, كإشاعة هدم المسجد الأقصى في تاريخ معين, فإذا نفذت إسرائيل شيئًا آخر
تمامًا هو الحد الأقصى للخطة الموضوعة, كأن يتم وضع حجر أساس الهيكل الثالث دون المساس
بالأقصى أو بأي بناء مقدس آخر في منطقة الحرم هدأ المسلمون وبذلك تمر الخطة الماكرة
التي وضعت لذلك.
وضرر هذا السلوك الصهيوني
الشرير هو أن تمرير جزء من الخطة الموضوعة دون التصدي له بكل الوسائل المتاحة على ضعفها
وهوان أوضاع المسلمين الآن قد يجعل إسرائيل تطمع في قضم مزيد مساحة الحرم القدسي وهو
ما يجب التنبيه عليه والسعي لعدم اتمامه بأي ثمن.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية/كلية
اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق