الثلاثاء، 10 مايو 2016

القتل الرحيم (في اليهودية) . . 2 הריגה מתוך רחמים בהלכה היהודית

وإذا لم يكن بمقدورنا نزع الحياة, فإن ذلك يسري أيضًا على كل ثانية ودقيقة, وإذا تحرينا الدقّة فإنه لا يمكننا مطلقًا معرفة ماهى الحدود المسموح بها بنزع الحياة أو منحها للإنسان في هذه الظروف.
ترى نظرية لأفلاطون – تراعي كيفية الحياة – عدم الإبقاء على معاقين حين تكون حياتهم عبئًا ثقيلا على المجتمع, وهو الأسلوب الذي طبق في في اسبرطة اليونانية. وهو الأسلوب نفسه الذي اتبع لدى النازيّة؛ القضاء على المرضى النفسيين, ومن المعروف أن 70 ألف شخص قضوا فيها, حيث لم يكن ينتظر تحسن في حالاتهم الأمر الذي شكل إزعاجًا مجتمعيًا بحسب الاعتقاد آنذاك.

 أمّا اليهودية فقد حرّمت قتل النفس بناء على ما جاء بالمِشْنَا :
"المحتضِر كالحيّ في كل شيء . . " حكمه انه تحرُم إصابته ولا يُشهد عليه بالموت حتى تخرج روحه بالفعل بصورة طبيعية".
كل تلك الأفكار وأفكار أخرى – فُصّلت في كتاب "شولحان عاروخ/ليوسف كارو" حرِّمت لأن من شأنها تقريب وتسريع موت المُحْتَضِر. وهناك مثال على ذلك ضربه الحكماء:
"كان رابي مئير يقول: مثل الشمعة التي تسيل, حينما يمسها إنسان ليطفئها. كذلك كل من يُغمض عيني المحتضر كأنه سلب روحه"
والمقصود بالمحتضر هنا كل إنسان على مشارف الموت, ويُقدر الحدّ الأقصى لوقت هذه الحالة بثلاثة أيام قبل الموت. فلا يجوز مسّ حياة إنسان بإنقاص أجلَه بأي حال من الأحوال, و"كل من يتجاوز هذه الأحكام يعدّ كأنه سفك دمًا".

وقد لخص الراب موسى بن ميمون ذلك بقوله:
"سواء من قتل سليمًا, أو مريضًا مشرفًا على الموت, أوعجَّل بموت مُحتَضِر".
فقاتل اليهودي الذي يعدّ – طبقًا لأحكام اليهودية – طريفاه (أي أنه ينتظر موتًا محققًا في فترة زمنيَّة محددة (قلّت أو كثرت) يعدّ قاتلا وخارجًا عن تشريعات البشر, ويستوجب حكم القتل.
وهناك خلافات بين الراب "موسى بن ميمون", والحاخام "راشي", في توصيف حالة المشرف على الموت, وطبيعة المرض, أو الإصابة, او الضربة, أو الصدمة النفسيّة, وكم الفترة الزمنية المتوقع بعدها الموت.
وبناء على هذه الخلافات لا يمكن تحديد وصف للطبيب الذي يعدّ متجاوزًا في تقديرات نجاعة العمليات الجراحية الصعبة التي تتعدد فيها مخاطر الموت وتكون نسبة الشفاء فيها ضئيلة, في الوقت الذي يتحتم فيها المجازفة و‘جراء العمليات !!
وهنا لو طبق حدّ القتل على الطبيب الذي يقوم بإجراء العمليات الجراحية الضرورية في الحالات الحرجة فلن يقدم طبيب على إجراء أي عملية حتى لو كانت نسبة المخاطرة فيها ضئيلة.
وتنتهي الأحكام التشريعية اليهودية بعدم جواز القتل الرحيم, حتى لو كان المُحتضِر يعاني آلامًا مبرِّحة, أو كان هو نفسه يطلب الموت .. لا يجوز قتله بأي حال من الأحوال إلى أن تخرج روحه بشكل طبيعي وينتهي أجله الذي حددته السماء.

أمّا مسألة التفاوت بين طبقات الناس فيمن تتاح له الرعاية الصحيّة متصلا بأجهزة العناية المركزة والإنعاش الاصطناعي من عدمه فليس مجال مناقشتها هنا؛ حيث يهمنا الجانب الديني والتشريعي فقط . .
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية - كلية اللغات والترجمة - جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق