الثلاثاء، 10 مايو 2016

هل يباح "القتل الرحيم" في اليهودية רצח מתוך רחמים לאור ההלכה

طرح وضع أريئيل شارون, رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق, الذي ظل حوالي ثمان سنوات قبل وفاته, في غرفة العناية المركزة, قضية من أصعب القضايا التي تواجه الأطباء ورجال القانون, والحاخامات, وكذلك علماء الاجتماع.
وما يهمنا في هذه القضية هو إلى أي مدى تسمح الشريعة اليهودية بوضع الإنسان تحت أجهزة العناية المركزة الطبية المختلفة المصاحبة لذلك, في الوقت الذي يكون فيه الشخص فاقدًا للوعي, ولا أمل في شفائه ولو بنسبة ضئيلة جدًا ؟! وهل تبيح اليهودية ما اصطلح على تسميته بـ "القتل الرحيم"؛ أي نزع كل أجهزة الإعاشة أو الإحياء الصناعية عن المريض الذي لا يرجى يرؤه؟

 وما هو رأي الحاخامات ؟
****************
حدث تطور خطير في هذه المشكلة في السنوات الأخيرة – من الناحيتين الأخلاقية والعملية في آن. فقد مكَّن التقدم الطبي, الذي أتاح للأطباء وسائل تشخيص, وعلاج متقدمة جدًا (من حيث الدواء, وزراعة الأعضاء, والتحاليل الطبية, والأشعة, وأجهزة الإعاشة, وغير ذلك), مكنهم من إطالة حياة الإنسان – بالطبع ليس بلا حدود, ولكن بمدى أكبر ممّا كان قبل عشرات السنين.

لقد تبين بوضوح أن إطالة أمد الحياة لم تأت دائمًا بتحسن في الحالة الصحية للمريض, وغالبًا ما يكون المقصود بها إطالة أمد حياة مقيدة بسرير المرض لا أكثر, بينما يكون المريض فاقدًا للوعي تمامًا, ولا سيطرة له على جميع أنشطته الحيوية الأساسية, ومفقود الأمل في حالته.
إن الحالات التي تشكل معضلة أساسية هى إحياء المواليد ناقصي النموّ والمعاقين جسمانيًا ونفسيًا بشكل صعب, دون أمل البتّة في شفائهم.

لم يُبحث موقف الشريعة – بشكل مفصّل – هذه المسألة في أدب الشريعة, كما لم تبحث بشكل مباشر في التلمود. يجب افتراض أن هذه المسائل كانت نادرة الحدوث وغريبة عن الروح اليهودية, ولذلك لم تحظ ببحث مفصل.

ومع ذلك فهناك مصادر قديمة تقدم مادة للفكر ولفهم المشكلة التي طبقا لها بحثت المسألة وخاصة فإن أولا : لأن أن قيمة حياة الانسان طبقا للشريعة لا يضاهيها شيء كما أنها غير قابلة للتجزؤ. فكل جزء من حياة الانسان يعدّ - طبقًا للمفهوم اليهودي - لا نهائي وعلى ذلك فإن قيمة 70 عامًا, التي قد يحياها اليهودي, تساوي سنة واحدة, ويترتب على ذلك أن قيمة الجزء المعلول تساوي قيمة الجزء السليم.
ولما كانت قيمة حياة الانسان بهذه الدرجة كانت قداسة حياة الإنسان أعلى من أي شيء, وحتى أعلى من جميع الوصايا الدينية, باستثناء ثلاثة أشياء؛ هى: كشف العورات, وسفك الدماء, وعبادة الأوثان.
وهذا ما يؤكده نصّ المِشْنَا :
"كل من يتسبب في قتل نفس واحدة من بني إسرائيل ينطبق عليه المكتوب فكأنما قتل عالَمًا بأكمله (الناس جميعًا), وكل من أحيا نفسًا واحدة من بني إسرائيل فكأنما أحيا عالَمًا بأكمله (الناس جميعًا) .
إذن تحتل حياة الإنسان مكانة عظيمة في الفكر العقدي اليهودي, ومع ذلك تقرّ الوقائع بأن هناك تفرقة واقعية خطيرة بين الطبقات الاجتماعية في هذه الموضوع, بين عامة الناس وأصحاب المراتب العليا في المجتمع.
(يتبع)
د. سامي الإمام

أستاذ الديانة اليهودية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق