اعتمادًا على فكرة الحلول الإلهي مع شعبه بني إسرائيل استلزم في الفكر اليهودي القبّالي أن الله إذا كان قد قضى على شعبه! بالغربة والشتات كعقاب على عصيان أوامره وإتيان نواهيه, فإنه مع ذلك حاضر معهم أينما كانوا ويتبعهم في المنفى والشتات فكأن الله منفي مع شعبه, وكان يتألم ويعاني معهم الحنين إلى أرض الميعاد! وبعودة بني إسرائيل إلى تلك الأرض فقد عاد الله إلى بيته!
هكذا يفلسف القباليون تعارض اختيار الله لشعبه وبين واقع النفي المرير!! وبعودة الشعب المشتت إلى وطنه يعود الله إلى بيته القديم! ويتجلى من جديد بغبطته على شعبه وعلى كل الوجود, في الوقت ذاته, فخلاص البشرية والوجود بأسره معلق بمصير شعب الله!!
ولما كانت فلسفة القبّالة تنهض على فكرة الفيض الإلهي, فالعالم كله من فيوض الله ومراتب التجليات فيها عشر أعلاها مرتبة أعلى عليين, وأدناها الحضور أو الحلول الإلهي, وهو ما يعرف في العبرية بالشخينا (هى ما تقابل في العربية السكينة), أي حضور الرب مع شعبه المختار أينما حلّ أو رحلّ, وبذلك يكون وجود اليهود أساسًا لاتزان الكون بل إن رحمة الله لا تفيض إلا بسبب وجود اليهود مع الغير على الأرض!
المرجع:
الموسوعة النقديّة للفلسفة اليهودية, تأليف دكتور عبد المنعم الحفني, دار المسيرة, بيروت, الطبعة الأولى, 1980, ص 166 - 168, بتصرف يسير للتيسير.
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق