الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

مصادر البحوث ومراجعها

تختلف تعريفات المصادر والمراجع بحسب المصنِّفين, اختلافًا كبيرًا, ومن صور هذا الاختلاف ما يعدّه البعض مصادر يعدّه آخرون مراجعًا! وبعيدًا عن تلك الاختلافات أقول:
المصادر هى كتب الأصول في المعارف المختلفة, والمراجع هى كتب تعتمد على تلك الأصول في إثبات أفكارها البحثيّة؛ فتأخذ منها وتستشهد وتنقد وتحلل وتستنتج وغير ذلك. وتختلف المصادر بين علم وعلم آخر: فمثلا علم الآثار له مصادر مادية وأخرى معنوية نظرية؛
فمن مصادره المادية:

الآثار والشواهد الأثريّة الباقية من الزمن القديم, كالأهرامات, والمعابد المصرية القديمة, والمسلّات, والتماثيل, وما يُعثر عليه أثناء التنقيب من آثار مادية؛ كالعملات المعدنية القديمة, والجرار الطينية والتحف والمشغولات المعدنية والأدوات, وغيرها مما تركه الأقدمون من مواد مشاهدة ملموسة.

ومن مصادره المعنوية النظرية تلك النقوش والكتابات المحفورة في الصخر, والنُصُب, والجدران, ولفائف البرديات, وجلود الحيوانات, والعظام, والرسومات, وأية كتابات أخرى. ولو دققنا النظر في هذه المصادر الأخيرة سنجدها تجمع بين المادية والمعنوية.

أما مراجعه فستكون تلك الدراسات التي قام بها باحثون عبر التاريخ اعتمادًا على مصادره المختلفة التي ذكرناها على التو, واستشهادًا بها وبما حوته من نقوش ورسومات وأدوات, وخرجت بنتائج بعد بحثها وتمحيصها وإعمال الفكر فيها ونقدها ومناقشة الموضوع وتحليله ومقارنته وما قيل من آراء فيه, وغير ذلك من نشاط الباحث وجهده في بحثه.

أمّا الدراسات الدينية :

فمن مصادرها الإسلامية القرآن الكريم والأحاديث النبويّة الصحيحة, وكتب الفقه؛ كالمغْني في الفقه الحنفي وحاشية الدسوقي في الفقه المالكي, وكتب التاريخ الأساسية كأسد الغابة في معرفة الصحابة, ومقدمة ابن خلدون, والكامل, وغيرهم.

ومن مراجعها التفاسير والدراسات القرآنية وشروح الباحثين والدارسين والمدققين والمقارنين الذين تناولوا موضوعات بعينها واستعانوا بالمصادر في تحقيق غايتهم من فكرة البحث.

وإجمالا وتيسيرًا على الباحث يمكنني القول في الفرق بين المصادر والمراجع إن المراجع تستعين بالمصادر في إثبات غاية الباحث من بحثه.

وفي الدراسات اليهودية:

من مصادرها: ثلاثة كتب رئيسية؛ هى كتاب العهد القديم (תנ"ך), بأجزائه الثلاثة التوراة والأنبياء والكتب. وكتاب المِشْنَا (משנה) بأجزائه الستة, المزروعات والأعياد والنساء والأضرار والمقدسات والطهارات. وكتاب التلمود (תלמוד), بمصدريه البابلي والأورشليمي.

ومن مراجعها:

האינציקלופדיה המקראית (دائرة المعارف المقرائية), وهى دائرة معارف تختصّ بدراسة موضوعات الديانة اليهودية وعناصرها, تتألف من عدد من المجلدات الضخمة قد تصل إلى 18 مجلدًا بحسب تاريخ طبعتها, وتضم مادة علمية دينية بحسب ما ورد في كتاب "العهد القديم" مفهرسًا أبجديًا بالعبرية, فإذا أردنا الكشف عن مادة بحثية في موضوع "الزواج" مثلا, فلابد من معرفة مصطلح (زواج) بالعبرية حتى نتمكن من جمع مادته العلمية والكتابة فيه, وهو (נישואין) فنبحث تحت حرف النون العبري (נ), للوصول إلى مادة נישואין : سنجد مادة تعطي فكرة مختصرة لكنها تشير إلى أهم العناصر في موضوع الزواج, كما تذكر أهم مصادر الموضوع, ومراجعه, وهكذا .

• האינציקלופדיה העברית (دائرة المعارف العبرية), وهى مكونة من مجلدات ضخمة وتتضمن تقريبًا معلومات في مجالات عدة, دينية, واجتماعية, وتاريخية, وأدبية, وغير ذلك,. فإذا أردنا البحث عن مادة علمية عن الفقيه والفيلسوف موسى بن ميمون, فسنبحث تحت حرف الميم (מ), عن מושה בן מימון.

• אוצר ישראל (موسوعة إسرائيل), وهى موسوعة دينية أيضًا, من أجزاء عدة, مفهرسة أبجديًا, كذلك.

• תולדות האמונה הישראלית, יחזקיאל קויפמן (تاريخ العقيدة الإسرائيلية" لمؤلفه, حزقيال قويفمان), كتاب مهم للباحثين في الديانة اليهودية , باللغة العبرية, أربعة أجزاء, ويمكن الاطلاع عليه في مكتبات كليات الآداب.

• אנציקלופדיה יודאיקה (دائرة معارف الجودايكا), وتهتم بالديانة والتاريخ اليهودي, وصدرت أول مرة سنة 1972 باللغة الإنجليزية, وستأتي ضمن المراجع الإنجليزية.

* وهناك كذلك معجم ألفاظ العهد القديمة باللغة العبرية, وهى ما تعرف بالكونكوردانتسيا קונקורדנציה التي تحصر استخدامات عناصره وأمان ورودها, وهى على قدر كبير من الأهمية للباحثين.

أهم دوائر المعارف المدونة باللغة الإنجليزية:

...............................................

1. The Encyclopaedia of Religions and Ethics, James Hasthig,

وهى من أشمل دوائر المعارف في الأمور الدينية لجميع الأديان والملل والمذاهب, وتتكون من حوالي 20 مجلدًا ضخمًا, مرتبة أبجديًا, فإذا أردنا البحث عن موضوع اليتيم سنبحث تحت حرف الـ (O), عن مادة يتيم بالانجليزية طبعًا (Orphan), وهكذا.

2. The Encyclopaedia Judaica

وهى دائرة معارف للمصطلحات اليهودية, مفهرسة بحسب الأبجدية الإنجليزية للمصطلحات والعناصر اليهودية. وتفيد أولئك الذين يهتمون بالدراسات اليهودية ولا يجيدون العبرية.
وهناك طبعًا مراجع أخرى عدّة تتناول موضوع الديانة اليهودية وما يتصل بها لكني حرصت على ذكر أهم هذه المصادر والمراجع باللغة العبرية لأنها تكون شاملة وتقدم معلومات معقولة في موضوعاتها المعتمدة على المصادر. وهناك مصادر عربية ومراجع يمكن بسهولة ويسر الوصول إليها.
أما أين يمكن العثور عليها فجميع مكتبات كليات الآداب تقريبًا تمتلك نسخًا من هذه المصادر والمراجع, ومن حسن الحظ أن هناك نسخًا من بعضها PDF على الشبكة.
بالإضافة إلى أن هناك مواقع إليكترونية درجة موثوقيتها كبيرة وسنشرح في منشور آخر إن شاء الله كيفية انتقاء تلك المواقع والتأكد من موثوقيتها.
والبحث الجيد هو الذي يحقق شروط الجودة؛ فيسير على خطته الموضوعة, ويتبع المنهج الذي اختاره صاحبه, ويبلغ الأهداف هدفًا بعد الآخر, ويحرص على سلامة اللغة, ودقة العبارة, وصحة الأسلوب, وتوثيق المعلومة, وإضافة جديد في موضوعه.

د. سامي الإمام
أستاذ اللغة العبرية والديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق