الخميس، 19 يناير 2017

النبي أشعيا - حذر اليهود وبشرهم برؤيا ودلّهم على التوبة فقتلوه!

يعد أشعيا بن آموص (القرن الثامن ق.م), من أعظم الأنبياء وأهمهم الذين بعث بهم الرب لتحذير بني إسرائيل من عاقبة الانحراف عن طريق الرب واتباع الشيطان, وتكفي مقدمة السفر الذي يحمل اسمه في وصفهم وتبيان حالهم وما آلوا إليه من فساد, أصاب جميع جوانب حياتهم بدءا بمعتقداتهم التي كانوا مفضلين باتباعها بين شعوب وثنيين آنذاك!. عاصره أربعة من ملوك يهودا, هم عزيا, ويوثام, وآحاز, وحزقيا.يقول الرب على لسان النبي أشعيا:
لقد تركوا الرب واستهانوا بقدّوس إِسرائيل وداروا على أَعقابهم (ارتدّوا). ووصفوا أيضًا (بالأمة الخاطئة الشعب الثقيل الإثم نسل فاعلي الشرّ أبناء مفسدين)
وجاء وصف الرب لضلالهم في عبارة بليغة بأنهم أضلّ من الثيران والحمير:
(الثّور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف، وشعبي لا يدرك)
ولخص الرب حالهم المزري (إِن الرأْس بجملَتِه سقيم والقلب بكامله مريض. من أخمص القدَم إِلى قِمَّة الرّأْس ليس فيه عافية. كلّه جروح وأحباطٌ وقروح لم تنظّف، ولم تضمَّد، ولم تليَّن بالزّيت)
وجاء وصف النبي أشعيا لما سيحلّ ببلادهم نتيجة لذلك: (عَمّ الخراب بلادكم والتهمت النَّار مدنكم. نهب الغرباء حقولكم أمام أعينكم. هي خربةٌ، عاث فيها الغرباء فسادا. فأضحت أُورشَليم مهجورة كمِظَلَّة حارس في كرم أو خيمة في حقل للقثاء أو كمدينة محاصرةٍ.).
ويعقب ذلك بعبارة يُفهم منها أن الرب مع ذلك رأف بهم (لولا أن الرب القدير حفظ لنا بقِيَّةً يسيرة، لأصبحنا مثل سدوم وعمورة.)
يوجه الرب حديثه على لسان أشعيا إلى قضاة سدوم وشعب عمورة, يخبرهم أنه في غنى عن قرابينهم ماداموا يقترفون الآثام ويرتكبون الفواحش:
(اسمعوا كلمة الرب يا حكّام سدوم. أصغوا إلى شريعة إِلهنا يا أهل عمورة: ماذا تجديني كثرة ذبائحكم، يقول الرب؟ اتّخمت من مُحرقات كباشٍ وشحم المسمّنات، ولا أُسرّ بدم عجول وخرفان وتُيوسٍ. حين جئتم لتمثلوا أمامي، من طلب منكم أن تدوسوا دوري؟ كفّوا عن تقديم قرابين باطلة، فالبخور رجس لي، وكذلك رأْس الشّهر والسّبت والدّعاء إلى المحفل، فأَنا لا أُطيق الاعتكاف مع ارتكاب الإثم. لشدّ ما تبغض نفسي احتفالات رؤوس شهوركم ومواسم أعيادكم! صارت عليّ عبئا، وسئِمتُ حَملها.)
ونتيجة ارتكاب المعاصي واقتراف الآثام كما يتضح من الفقرات هى عدم الاكتراث بتقديم القرابين عدم الاستجابة للدعاء (عندما تبسطُون نحوي أَيدِيكم أَحجب وجهي عنكم، وإن أكثرتم الصلاة لا أستجيب)
ويشرح الأسباب ثم يعقبها بالحلول والعلاجات :
لأن أيديكم مملوءة دمًا. اغتسلوا، تطهّروا، أزيلوا شرّ أعمالكم من أمام عينيّ. كفّوا عن اقْتراف الإثم، وتعلّموا الإحسان، انشُدوا الْحقَّ، انصفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، ودافعوا عن الأَرملة. تعالوا نتحاجج يقول الرب، إِن كانت خطاياكم كلطخات قرمزيَّة فإنّها تبيضّ كالثَّلج، وإن كانت حمراء كَصبغ الدُودِيّ تصبح في نقاء الصّوف! إن شئتم وأطعتم تتمتعون بخيرات الأرض، ولكن إن أبيتم وتمرّدتم فالسّيف يلتهمكم، لأن فم الرب قد تكلّم.)
ومع كل تلك المخالفات يعلن الرب عليهم مكافآت التوبة والرجوع إليه وعبادته كما ينبغي :
(تعالوا نتحاجج يقول الرب، إن كانت خطاياكم كلطخاتٍ قِرمزيّة فإنّها تبيضّ كالثّلج، وإن كانت حمراء كصبغ الدّوديّ تصبح في نقاء الصّوف! إن شئتم وأطعتم تتمتّعون بخيرات الأرض، ولكن إن أبيتم وتمرّدتم فالسّيف يلتهمكم، لأن فم الرب قد تكلَّم) .
وعن رؤيا المسيح المنتظر في سقره نقرأ:
(وتكون مسرته في تقوى الرب، ولا يقضي بحسب ما تشهد عيناه، ولا يحكم بمقتضى ما تسمع أُذناه، إنما يقضي بعدل للمساكينِ، ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض، ويعاقب الأرض بقضيب فمه، ويميت المنافق بنفخة شفتيه، لأنه سيرتدي البرّ ويتمنطق بالأمانة. فيسكن الذّئب مع الحمل، ويربض النّمر إلى جوار الجديِ، ويتآلف العجْل والأسد وكلّ حيوان معلوفٍ معًا، ويسوقها جميعًا صبيّ صغيرٌ. ترعى البقرة والدُّب معاً، ويربض أَولادهما متجاورين، ويأْكل الأسد التّبن كالثّور، ويلعب الرّضيع في (أمان) عند جحر الصّلّ، ويمُدّ الفطيم يده إلى وكر الأفعى (فلا يصيبه سوءٌ)
نهاية أشعيا
تقول رواية أن النبي أشعيا نُشر نصفين بمنشار (من خشب!) على يد اتباع للملك منشا ملك يهودا. هذا ما جاء في كتاب عن استشهاده عنوانه "صعود أشعيا" وهو من الكتب الخارجية, جمعت مادته في روما على يد يهودي – مسيحي, في عهد القيصر نيرون.
وتحكي معجزة موته وانفصاله إلى جزئين أن المناشير الحديد التي حدَّت أبت أن تقطع في جسده أمام الملك ومستشاريه وكل حاشيته وهو ما أثار دهشة الحاضرين! لكنه – النبي – سخر منهم قائلا : إن جسده لا يستجيب للحديد, بل يستجيب لمنشار خشبي! ولما سار المنشار الخشبي على جسده انزلق كالماء الرقراق وشطر جسده نصفين دون أي صراخ أو عويل ومع أنه تألم لكنه لم ينطق بحرف واحد وراحت شفتاه تناجيان ربه بصوت خفيض!!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق