ورد بالمصادر العبرية أن حداييب وتسمّى أيضًا أديبان وفي التلمود (هَدِيب)
و(حَدِيف), كانت مملكة قديمة ضمن حدود آشور, شمال ما عرف بالهلال الخصيب.
ويضم أراضي من ثلاث دول حالية هى: العراق, وسوريا, وأسيا الصغرى.
وورد أن جالية يهودية معتبرة عاشت في هذه المملكة وكانت مختلطة بأعراق أخرى وممتزجة بهم, لكن اليهود كانوا متجذرين بها.
وبفضل تلك الجالية اليهودية الكبيرة التي كانت في حدياب تهوّد بعض ملوك هذه المملكة في القرن الأول الميلادي. فالملكة هيلانه وابنها مونبوز, المسمّى في التلمود (مونبوز الملك), أسهما في دعم الهيكل الثاني وأقاما قصورًا في أورشليم في شمال منطقة ما يسمى (مدينة داود).
والملكة هليني أو هيلانه هذه – كما جاء في كتابات يوسف بن متتياهو المؤرخ اليهودي المعروف من القرن الأول الميلادي – لم تكن يهودية الأصل بل تهوّدت وهاجرت إلى أورشليم وماتت هناك. ويعزى بناء عثر عليه في حفائر حديثة – كما يُدّعى – أنه يخص هذه الملكة.
ورد بالمشنا أن مونبوز هذا؛ ابن الملكة هيلانه, كان صنع مقابض ذهبيّة لكل أدوات الخدمة التي تستعمل في يوم الغفران (كيبور). أما هيلانة فكانت تبنّت صناعة ثُريَّة ذهبية وُضعت في مدخل الهيكل, بالإضافة إلى حلية ذهبية دوِّن عليها فقرة سوطا/المرأة المنحرفة (وهى فقرة تتعلق بطقوس المرأة المشكوك في خيانتها, بالمشنا/ يوما 3 : 1). ومن بين ما ذكر المؤرخ يوسف بن متتياهو, المدد العسكري الذي أرسِل من حدياب إلى أورشليم في أثناء تمرد أو ما يقال إنه كانت ثورة, لدعم اليهود.
احتل القيصر الروماني "تريانوس" (116م) مملكة هيلانة وضمها إلى الإمبراطورية الرومانية لكن وريث حكمه "أدريانوس" تنازل عن كل ما كان لروما في الشرق.
حُفرت مقابر ملوك حدياب الفخمة في منطقة صخرية بالأرض بعمق بلغ ثمانية أمتار, وكانت فتحت تلك المقابر في سنة 1863م, على يد عالم الآثار الفرنسي "فليسيان دي سوسي", في نواحي حي الشيخ الجراح بشرق القدس.
ربما ارتفع عدد المتهودين بعدما تهود أبناء طبقة المملكة في حدياب, غير إنه في القرن الثاني الميلادي فضلوا الدخول في النصرانية.
وجاء بالمراجع التي تتناول الأدب السرياني أن الأدب المسيحي السرياني قام على ضفتي نهر دجلة في منطقة حَذيب (Adiabene), التي كانت تقع بين نهري الزاب الكبير والصغير شرقي دجلة, وفي منطقة الرُهى التي كانت تقع بين النهرين, وهو الإقليم الذي كان يحيط بنُهير دِيْصَان أحد فروع نهر البلخ.
ويعنينا في هذا الصدد أن مقر الكنيسة السريانية لم يبدأ في الرها وإنما بدأ في حدياب (حذيب) هذه, وفيها وضعت أقدم التراجم السريانية للعهدين القديم والجديد.
جاء في مدونات المؤرخ يوسيفوس أن مونبوز أو مونوباز على خلاف في دقّة الاسم, ملك حدياب كان وثنيًا, وكان يخشى ابنه "يزد" فأقصاه بعيدًا عن مملكته عند صديق له يسمّى "عبد نرجل", الذي كان يملك على الإقليم الواقع حول مصب نهر دجلة - حيث تقع مدينة البصرة حاليًا – وهناك زوجه "عبد نرجل" من ابنته "سومكا" كما اعتنق اليهودية على يد تاجر يهودي اسمه "حنانيا". وتمضي الأيام ويطلب مونوباز عودة ابنه فيعود "يزد" إلى مملكة أبيه, مصطحبًا معه التاجر اليهودي "حنانيا" , فإذا هو يجد أمه الملكة "هيلانة" قد اعتنقت اليهودية أيضًا على يد يهودي آخر, ثم يدور الفلك دورة أخرى ويموت "مونوباز" ويخلفه "يزد" على العرش سنة 36م. وتصبح اليهودية دين الدولةز وترى هيلانة أن الدين الجديد لم يظهر له أي تأثير في الدولة فتسافر في زيارة إلى بيت المقدس (الهيكل), وتقيم به, وتطول إقامتها فيه, وينتهز الملك "يزد" هذه الفرصة فيرسل خمسة من أولاده إلى بيت المقدس لتلقي العلم هناك, ويصبح لهذه العائلة عدد من القصور في بيت المقدس كما يذكر في كتاب المِشْنَا, وتبني هيلانة مقبرة بديعة هناك يطلق عليها مقبرة الملوك ويسميها يوسيفوس (الأهرام), دفنت فيها "هيلانة" وابنها "يزد" ولا تزال آثارها قائمة في بيت المقدس حتى اليوم. ومن هنا نتبين الصلة التي كانت بين فلسطين ومملكة حدياب.
ومما يذكره المؤرخ اليهودي يوسيفوس أن "مونوباز الثاني" و"كينداي" ملكي حذيب قد اشتركا مع اليهود في محاربة الرومان, وأن الملك "مبرساف" وهو آخر ملوكهم تقريبًا كان من ألدّ أعداء الإمبراطور "تراجان" أثناء حروب الأخير في الشرق, لكن "مبرساف" هزم سنة 116م وأصبحت حذيب جزءًا من الإقليم الآشوري التابع للإمبراطورية الرومانية.
وكانت "أربل" (أربيل اليوم), هى عاصمة إقليم حذيب الذي كثر فيه اعتناق الناس للمسيحية وكان شخص يدعى "آدي" مرسلا إلى هناك ليبشر بالمسيحية ومن بين الذين عمّدهم شخص يدعى "فقيذا", أصبح فيما بعد أول أوسقف هناك, وكان أكثر الأساقفة هناك في أربل من اليهود المتنصرين أو من مسيحيين من أصل يهودي فقد كانت أسماؤهم مستمدة من كتاب "العهد القديم" مثل شمشون وإسحاق وإبرام ونوح وهابيل.
يتبع ...
في التكملة قصة الملك "أبجر" الذي تراسل مع السيد المسيح عليه السلام يرجو الشفاء من مرض أصابه . .
د. سامي الإمام
وورد أن جالية يهودية معتبرة عاشت في هذه المملكة وكانت مختلطة بأعراق أخرى وممتزجة بهم, لكن اليهود كانوا متجذرين بها.
وبفضل تلك الجالية اليهودية الكبيرة التي كانت في حدياب تهوّد بعض ملوك هذه المملكة في القرن الأول الميلادي. فالملكة هيلانه وابنها مونبوز, المسمّى في التلمود (مونبوز الملك), أسهما في دعم الهيكل الثاني وأقاما قصورًا في أورشليم في شمال منطقة ما يسمى (مدينة داود).
والملكة هليني أو هيلانه هذه – كما جاء في كتابات يوسف بن متتياهو المؤرخ اليهودي المعروف من القرن الأول الميلادي – لم تكن يهودية الأصل بل تهوّدت وهاجرت إلى أورشليم وماتت هناك. ويعزى بناء عثر عليه في حفائر حديثة – كما يُدّعى – أنه يخص هذه الملكة.
ورد بالمشنا أن مونبوز هذا؛ ابن الملكة هيلانه, كان صنع مقابض ذهبيّة لكل أدوات الخدمة التي تستعمل في يوم الغفران (كيبور). أما هيلانة فكانت تبنّت صناعة ثُريَّة ذهبية وُضعت في مدخل الهيكل, بالإضافة إلى حلية ذهبية دوِّن عليها فقرة سوطا/المرأة المنحرفة (وهى فقرة تتعلق بطقوس المرأة المشكوك في خيانتها, بالمشنا/ يوما 3 : 1). ومن بين ما ذكر المؤرخ يوسف بن متتياهو, المدد العسكري الذي أرسِل من حدياب إلى أورشليم في أثناء تمرد أو ما يقال إنه كانت ثورة, لدعم اليهود.
احتل القيصر الروماني "تريانوس" (116م) مملكة هيلانة وضمها إلى الإمبراطورية الرومانية لكن وريث حكمه "أدريانوس" تنازل عن كل ما كان لروما في الشرق.
حُفرت مقابر ملوك حدياب الفخمة في منطقة صخرية بالأرض بعمق بلغ ثمانية أمتار, وكانت فتحت تلك المقابر في سنة 1863م, على يد عالم الآثار الفرنسي "فليسيان دي سوسي", في نواحي حي الشيخ الجراح بشرق القدس.
ربما ارتفع عدد المتهودين بعدما تهود أبناء طبقة المملكة في حدياب, غير إنه في القرن الثاني الميلادي فضلوا الدخول في النصرانية.
وجاء بالمراجع التي تتناول الأدب السرياني أن الأدب المسيحي السرياني قام على ضفتي نهر دجلة في منطقة حَذيب (Adiabene), التي كانت تقع بين نهري الزاب الكبير والصغير شرقي دجلة, وفي منطقة الرُهى التي كانت تقع بين النهرين, وهو الإقليم الذي كان يحيط بنُهير دِيْصَان أحد فروع نهر البلخ.
ويعنينا في هذا الصدد أن مقر الكنيسة السريانية لم يبدأ في الرها وإنما بدأ في حدياب (حذيب) هذه, وفيها وضعت أقدم التراجم السريانية للعهدين القديم والجديد.
جاء في مدونات المؤرخ يوسيفوس أن مونبوز أو مونوباز على خلاف في دقّة الاسم, ملك حدياب كان وثنيًا, وكان يخشى ابنه "يزد" فأقصاه بعيدًا عن مملكته عند صديق له يسمّى "عبد نرجل", الذي كان يملك على الإقليم الواقع حول مصب نهر دجلة - حيث تقع مدينة البصرة حاليًا – وهناك زوجه "عبد نرجل" من ابنته "سومكا" كما اعتنق اليهودية على يد تاجر يهودي اسمه "حنانيا". وتمضي الأيام ويطلب مونوباز عودة ابنه فيعود "يزد" إلى مملكة أبيه, مصطحبًا معه التاجر اليهودي "حنانيا" , فإذا هو يجد أمه الملكة "هيلانة" قد اعتنقت اليهودية أيضًا على يد يهودي آخر, ثم يدور الفلك دورة أخرى ويموت "مونوباز" ويخلفه "يزد" على العرش سنة 36م. وتصبح اليهودية دين الدولةز وترى هيلانة أن الدين الجديد لم يظهر له أي تأثير في الدولة فتسافر في زيارة إلى بيت المقدس (الهيكل), وتقيم به, وتطول إقامتها فيه, وينتهز الملك "يزد" هذه الفرصة فيرسل خمسة من أولاده إلى بيت المقدس لتلقي العلم هناك, ويصبح لهذه العائلة عدد من القصور في بيت المقدس كما يذكر في كتاب المِشْنَا, وتبني هيلانة مقبرة بديعة هناك يطلق عليها مقبرة الملوك ويسميها يوسيفوس (الأهرام), دفنت فيها "هيلانة" وابنها "يزد" ولا تزال آثارها قائمة في بيت المقدس حتى اليوم. ومن هنا نتبين الصلة التي كانت بين فلسطين ومملكة حدياب.
ومما يذكره المؤرخ اليهودي يوسيفوس أن "مونوباز الثاني" و"كينداي" ملكي حذيب قد اشتركا مع اليهود في محاربة الرومان, وأن الملك "مبرساف" وهو آخر ملوكهم تقريبًا كان من ألدّ أعداء الإمبراطور "تراجان" أثناء حروب الأخير في الشرق, لكن "مبرساف" هزم سنة 116م وأصبحت حذيب جزءًا من الإقليم الآشوري التابع للإمبراطورية الرومانية.
وكانت "أربل" (أربيل اليوم), هى عاصمة إقليم حذيب الذي كثر فيه اعتناق الناس للمسيحية وكان شخص يدعى "آدي" مرسلا إلى هناك ليبشر بالمسيحية ومن بين الذين عمّدهم شخص يدعى "فقيذا", أصبح فيما بعد أول أوسقف هناك, وكان أكثر الأساقفة هناك في أربل من اليهود المتنصرين أو من مسيحيين من أصل يهودي فقد كانت أسماؤهم مستمدة من كتاب "العهد القديم" مثل شمشون وإسحاق وإبرام ونوح وهابيل.
يتبع ...
في التكملة قصة الملك "أبجر" الذي تراسل مع السيد المسيح عليه السلام يرجو الشفاء من مرض أصابه . .
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق