********************************
عُرف قورح من خلال الخلاف الذي نشب بينه هو وجماعته من ناحية وموسى وهارون من ناحية أخرى.
واستطاع بنفوذه أن يستدرج 250 من رؤساء الجماعات في بني إسرائيل. ويرجع سبب الخلاف إلى أن قورح هو والثائرين معه؛ داثان وأبيرام كانوا طامعين في النبوّة والكهنوت, أي في المهمة التي أوكلها الله لموسى عليه السلام وهارون. خرّ موسى على وجهه حين تناهت إلى مسامعه هذه المطالب ! وكان المقصود من سقوطه على وجهه أمام الله هو تسليم الأمر لله لكي يحكم بينهما وبين قورح والمتذمرين ضدهما معه.
ولما أوكل موسى عليه السلام أمر قورح وجماعته إلى الرب خاطبهم بقوله:
(غدًا يعلن الرب من هو له، ومن هو المقدس فيقرّبه منه. ولكن ياقورح افعل هذا أنت وجماعتك: خذوا لكم مجامر، وضعوا فيها نارًا وبخورًا أمام الرب غدًا. والرجل الذي يختاره الرب يكون هو المقدس، فحسبكم أيها اللاويون!» 8وأضاف موسى قائلاً لقورح: استمعوا يابني لاوي، ألم يكفكم أن إله إسرائيل قد أفرزكم من بين الشعب ليقرّبكم إليه لكي تخدموا مسكن الرب وتقفوا في حضرة الشعب كله لخدمته. فقربك مع بقية إخوتك من بني لاوي، حتى صرتم تطمعون في الكهنوت. إذن أنت وكل جماعتك قد تألّبتم على الرب، لأنه من هو هرون حتى تتذمروا عليه؟ فأرسل موسى يستدعي داثان وأبيرام ابني أليآب، فردا: لن نحضر! ألم يكفك أنك أخرجتنا من أرض تدرّ لبنًا وعسلاً لتهلكنا في الصحراء، ثم تترَّأس علينا؟ فأَنت لم تقدنا إلى أرض تفيض خيرات، ولا أورثتنا حقولاً وكرومًا. فمن تحاول أن تخدع؟ إنّنا لن نحضر!. فاحتدم غيظ موسى وقال للرب: لا تقبل تقدمتهما، فأنا لم آخذ حتى حمارًا واحدًا منهما، ولم أسيء إلى أحد منهما).
جدير بالتوضيح هنا أن الرب كان قد بين مهام الكهنة؛ فحددت التوراة للكاهن وظيفة محددة في عمل الوصايا الشرعية, خاصة ما يتعلق بالخدمة في الهيكل المقدس, كما فرضت عليه قيودًا ومحظورات لا يقترب منها بناء على ما كُلف به, وفرضت التوراة على بقية الإسرائيليين العاديين تقديس الكاهن وتقديم قرابين مفروضة بأمر الرب في شريعته.
والكهنة مثل بقية اللاويين لم يرثوا, بأمر الشريعة, نصيبًا في الأرض على النقيض من أفراد بقية الأسباط لذلك فهذا الدور أو الوظيفة الملقاة على عاتق الكهنة دون عوام الإسرائيليين, إنما كان لتفرغهم لإقامة تعاليم التوراة لبقية الجماعة ولخدمة المَقْدِس.
ونفهم من نصّ التوراة أن موسى عليه السلام وضع قورح(قارون) وجماعته أمام اختبار الرب وتركهم لمشيئته, كما ذكرهم بأن الرب خصص لهم وظيفة يتطلع إليها كل إسرائيلي في ذلك الزمن ليقوم بها فلماذا الطمع إذن؟!
ولما أرسل موسى يستدعي "داثان" و"أبيرام" ابني أليآب، رفضا الحضور!
وقالا لموسى: ألم يكفك أنك أخرجتنا من أرض تدرّ لبنًا وعسلاً لتهلكنا في الصحراء، ثم تترَّأس علينا؟ فأَنت لم تقدنا إلى أرض تفيض خيرات، ولا أورثتنا حقولاً وكرومًا. فمن تحاول أن تخدع؟ إنّنا لن نحضر!.
فاحتدم غيظ موسى وقال للرب: لا تقبل تقدمتهما، فأنا لم آخذ حتى حمارًا واحدًا منهما، ولم أسيء إلى أحد منهما).
عقاب قورح/قارون
עונשו של קורח/קארון
ماذا حدث بعد أن قدّم موسى عليه السلام معيار الاختيار في هذه القضية؛ نقرأ:
وقف قورح وجماعته ومعهم مجامرهم عليها البخور, عند باي "خيمة الاجتماع"؛ مقر إقامة موسى ومهبط الوحي, أو تجلّي إرادة الرب! وانتظروا!
هنا - تراءى مجد الرب لكل الجماعة !! وخاطب الرب موسى وهارون بقوله :
ابتعدوا عن هذه الجماعة لإني سأفنيهم في لحظة !
نفهم من هذه العبارة أن الرب اتخذ قراره الذي يتضمن عدم قبوله بخور قورح وجماعته (وهو نوع من القربان الكاشف لإرادة الرب, كما حدث مع قرباني قابيل ةهابيل).
خر موسى وهارون على وجهيهما وقالا:
اللهم، إله أرواح جميع البشر، هل يخطئ رجل واحد فتسخط على كل الجماعة ؟
قال الرب لموسى :
كلم الجماعة قائلا: ابتعدوا عن مسكن قورح وداثان وأبيرام.
فقام موسى وذهب إلى داثان وأبيرام، وذهب وراءه شيوخ إسرائيل
فكلم الجماعة قائلا : اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغاة، ولا تمسوا شيئا مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم
فابتعدوا عن مسكن قورح وداثان وأبيرام، وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتيهما مع نسائهما وبنيهما وأطفالهما.
فقال موسى: إن مات هؤلاء ميتة طبيعية ستعرفون حينها أن الله لم يرسلني بكل ما يحدث ولكن إن أمات الله هؤلاء القوم بطريقة غير مألوفة - وسماها موسى "بدعة" ربما لأنها المرة الأولى التي تحدث! - حينها تعرفون أن الرب هو من يجري هذه الأمور !
لكن ماهى هذه البدعة؟
البدعة هى أن تفتح الأرض مغاليقها وتفغر فاها وتبتلع الظالمين وكل ما لهم, فيهبطوا أحياءً إلى الهاوية!
وأردف قائئلا : تعلمون حينئذ, أن هؤلاء القوم قد ازدروا الرب!
لما فرغ موسى عليه السلام من التكلم بكل هذا الكلام، انشقت الأرض التي تحتهم ,وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الأموال, فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية، وانطبقت عليهم الأرض، فبادوا من بين الجماعة.
وكانت أصواتهم وصراخهم مخيفًا ومفزعًا حتى أن كل الإسرائيليين الذين حولهم لاذوا بالفرار،خشية ان تبتلعهم الأرض هم أيضًا!
ليس هذا وحسب بل خرجت نار من عند الربّ وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذين قدموا البخور.
وهذا العقاب هو الذي أشار إليه القرآن الكريم في الآية الكريمة "فخسفنا به وبدار الأرض" صدق الله العظيم.
وتورد التفاسير اليهودية أن قورح كان غنيًا غناء فاحشًا؛ وهو ما جعل غناه يقترن بالتكبُّر والطغيان. ويحكى أنه كان يستخدم البغال في حمل مفاتيح خزائن أمواله! وخصص نوعًا من البغال الشديدة القوية الشرسة؛ التي ترفس أي شخص يحاول مدّ يده على ما تحمل أوالاقتراب منها.
آية قورح:
هى فقرة في سفر العدد تتناول قصة قورح وما حدث له ولجماعته, تقرأ بصورة دوريّة على سبيل التذكرة والاتعاظ بها وكيف أن الله يجتث الأشرار والفاسدين بقدرته اللا محدودة في زمن قليل لا يذكر !!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر
عُرف قورح من خلال الخلاف الذي نشب بينه هو وجماعته من ناحية وموسى وهارون من ناحية أخرى.
واستطاع بنفوذه أن يستدرج 250 من رؤساء الجماعات في بني إسرائيل. ويرجع سبب الخلاف إلى أن قورح هو والثائرين معه؛ داثان وأبيرام كانوا طامعين في النبوّة والكهنوت, أي في المهمة التي أوكلها الله لموسى عليه السلام وهارون. خرّ موسى على وجهه حين تناهت إلى مسامعه هذه المطالب ! وكان المقصود من سقوطه على وجهه أمام الله هو تسليم الأمر لله لكي يحكم بينهما وبين قورح والمتذمرين ضدهما معه.
ولما أوكل موسى عليه السلام أمر قورح وجماعته إلى الرب خاطبهم بقوله:
(غدًا يعلن الرب من هو له، ومن هو المقدس فيقرّبه منه. ولكن ياقورح افعل هذا أنت وجماعتك: خذوا لكم مجامر، وضعوا فيها نارًا وبخورًا أمام الرب غدًا. والرجل الذي يختاره الرب يكون هو المقدس، فحسبكم أيها اللاويون!» 8وأضاف موسى قائلاً لقورح: استمعوا يابني لاوي، ألم يكفكم أن إله إسرائيل قد أفرزكم من بين الشعب ليقرّبكم إليه لكي تخدموا مسكن الرب وتقفوا في حضرة الشعب كله لخدمته. فقربك مع بقية إخوتك من بني لاوي، حتى صرتم تطمعون في الكهنوت. إذن أنت وكل جماعتك قد تألّبتم على الرب، لأنه من هو هرون حتى تتذمروا عليه؟ فأرسل موسى يستدعي داثان وأبيرام ابني أليآب، فردا: لن نحضر! ألم يكفك أنك أخرجتنا من أرض تدرّ لبنًا وعسلاً لتهلكنا في الصحراء، ثم تترَّأس علينا؟ فأَنت لم تقدنا إلى أرض تفيض خيرات، ولا أورثتنا حقولاً وكرومًا. فمن تحاول أن تخدع؟ إنّنا لن نحضر!. فاحتدم غيظ موسى وقال للرب: لا تقبل تقدمتهما، فأنا لم آخذ حتى حمارًا واحدًا منهما، ولم أسيء إلى أحد منهما).
جدير بالتوضيح هنا أن الرب كان قد بين مهام الكهنة؛ فحددت التوراة للكاهن وظيفة محددة في عمل الوصايا الشرعية, خاصة ما يتعلق بالخدمة في الهيكل المقدس, كما فرضت عليه قيودًا ومحظورات لا يقترب منها بناء على ما كُلف به, وفرضت التوراة على بقية الإسرائيليين العاديين تقديس الكاهن وتقديم قرابين مفروضة بأمر الرب في شريعته.
والكهنة مثل بقية اللاويين لم يرثوا, بأمر الشريعة, نصيبًا في الأرض على النقيض من أفراد بقية الأسباط لذلك فهذا الدور أو الوظيفة الملقاة على عاتق الكهنة دون عوام الإسرائيليين, إنما كان لتفرغهم لإقامة تعاليم التوراة لبقية الجماعة ولخدمة المَقْدِس.
ونفهم من نصّ التوراة أن موسى عليه السلام وضع قورح(قارون) وجماعته أمام اختبار الرب وتركهم لمشيئته, كما ذكرهم بأن الرب خصص لهم وظيفة يتطلع إليها كل إسرائيلي في ذلك الزمن ليقوم بها فلماذا الطمع إذن؟!
ولما أرسل موسى يستدعي "داثان" و"أبيرام" ابني أليآب، رفضا الحضور!
وقالا لموسى: ألم يكفك أنك أخرجتنا من أرض تدرّ لبنًا وعسلاً لتهلكنا في الصحراء، ثم تترَّأس علينا؟ فأَنت لم تقدنا إلى أرض تفيض خيرات، ولا أورثتنا حقولاً وكرومًا. فمن تحاول أن تخدع؟ إنّنا لن نحضر!.
فاحتدم غيظ موسى وقال للرب: لا تقبل تقدمتهما، فأنا لم آخذ حتى حمارًا واحدًا منهما، ولم أسيء إلى أحد منهما).
عقاب قورح/قارون
עונשו של קורח/קארון
ماذا حدث بعد أن قدّم موسى عليه السلام معيار الاختيار في هذه القضية؛ نقرأ:
وقف قورح وجماعته ومعهم مجامرهم عليها البخور, عند باي "خيمة الاجتماع"؛ مقر إقامة موسى ومهبط الوحي, أو تجلّي إرادة الرب! وانتظروا!
هنا - تراءى مجد الرب لكل الجماعة !! وخاطب الرب موسى وهارون بقوله :
ابتعدوا عن هذه الجماعة لإني سأفنيهم في لحظة !
نفهم من هذه العبارة أن الرب اتخذ قراره الذي يتضمن عدم قبوله بخور قورح وجماعته (وهو نوع من القربان الكاشف لإرادة الرب, كما حدث مع قرباني قابيل ةهابيل).
خر موسى وهارون على وجهيهما وقالا:
اللهم، إله أرواح جميع البشر، هل يخطئ رجل واحد فتسخط على كل الجماعة ؟
قال الرب لموسى :
كلم الجماعة قائلا: ابتعدوا عن مسكن قورح وداثان وأبيرام.
فقام موسى وذهب إلى داثان وأبيرام، وذهب وراءه شيوخ إسرائيل
فكلم الجماعة قائلا : اعتزلوا عن خيام هؤلاء القوم البغاة، ولا تمسوا شيئا مما لهم لئلا تهلكوا بجميع خطاياهم
فابتعدوا عن مسكن قورح وداثان وأبيرام، وخرج داثان وأبيرام ووقفا في باب خيمتيهما مع نسائهما وبنيهما وأطفالهما.
فقال موسى: إن مات هؤلاء ميتة طبيعية ستعرفون حينها أن الله لم يرسلني بكل ما يحدث ولكن إن أمات الله هؤلاء القوم بطريقة غير مألوفة - وسماها موسى "بدعة" ربما لأنها المرة الأولى التي تحدث! - حينها تعرفون أن الرب هو من يجري هذه الأمور !
لكن ماهى هذه البدعة؟
البدعة هى أن تفتح الأرض مغاليقها وتفغر فاها وتبتلع الظالمين وكل ما لهم, فيهبطوا أحياءً إلى الهاوية!
وأردف قائئلا : تعلمون حينئذ, أن هؤلاء القوم قد ازدروا الرب!
لما فرغ موسى عليه السلام من التكلم بكل هذا الكلام، انشقت الأرض التي تحتهم ,وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الأموال, فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية، وانطبقت عليهم الأرض، فبادوا من بين الجماعة.
وكانت أصواتهم وصراخهم مخيفًا ومفزعًا حتى أن كل الإسرائيليين الذين حولهم لاذوا بالفرار،خشية ان تبتلعهم الأرض هم أيضًا!
ليس هذا وحسب بل خرجت نار من عند الربّ وأكلت المئتين والخمسين رجلا الذين قدموا البخور.
وهذا العقاب هو الذي أشار إليه القرآن الكريم في الآية الكريمة "فخسفنا به وبدار الأرض" صدق الله العظيم.
وتورد التفاسير اليهودية أن قورح كان غنيًا غناء فاحشًا؛ وهو ما جعل غناه يقترن بالتكبُّر والطغيان. ويحكى أنه كان يستخدم البغال في حمل مفاتيح خزائن أمواله! وخصص نوعًا من البغال الشديدة القوية الشرسة؛ التي ترفس أي شخص يحاول مدّ يده على ما تحمل أوالاقتراب منها.
آية قورح:
هى فقرة في سفر العدد تتناول قصة قورح وما حدث له ولجماعته, تقرأ بصورة دوريّة على سبيل التذكرة والاتعاظ بها وكيف أن الله يجتث الأشرار والفاسدين بقدرته اللا محدودة في زمن قليل لا يذكر !!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق