**************************************************
تتوالى معجزات النبي إلياهو (هو إلياس واليسع في التراث الإسلامي), فهو يُنزل المطر من السماء, ويسيِّر السحاب, ولكنه مع ذلك يخشى من انتقام الملك "أحاب" فيهرب نحو أرض يهودا, حتى يصل إلى بئر سبع. وهناك أدركه الجوع فاضطجع في البرية ينتظر الموت, وإذا بأحد الملائكة قد جاء فلمسه, وقال له: قم فكل!
فالتفت فوجد عند رأسه رغيفًا وجرّة ماء, فأكل وشرب ثم اضطجع. فجاءه ملك الرب مرة أخرى ولمسه, وقال: قم فكل, فإن الطريق أمامك بعيدة.
فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الوجبة أربعين يومًا وأربعين ليلة, إلى جبل حوريب, وهو الجبل الذي سمع فيه موسى صوت الله.
وبات في مغارة هناك فجاءه كلام الرب يقول:
ما بالك ههنا يا إليا؟
فقال: إني ثُرت ثورة للرب إله الجنود, لأن بني إسرائيل قد نبذوا عهدك, وقوضوا مذابحك, وقتلوا أنبياءك وبقيت أنا وحدي وقد طلبوا روحي ليأخذوها.
فقال : أخرج وقف على الجبل أمام الرب!
فإذا الرب عابر, وريح عظيمة عاتية تصدع الجبال وتحطم الصخور أمام الرب, ولم يكن الرب في الريح . وبعد الريح زلزلة , ولم يكن الرب في الزلزلة وبعد الزلزلة نار, ولم يكن الرب في النار. وبعد النار حفيف نسيم لطيف, فلما سمع إليا ستر وجهه بردائه وخرج ووقف بمدخل المغارة, فإذا بصوت يقول له :
ما بالك يا إليا؟
فقال : إني ثرت ثورة للرب إله الجنود وكرر عبارته السابقة.
فقال الرب : أمض فارجع في طريقك نحو برية دمشق, فإذا وصلت فامسح حزائيل ملكًا على آرام. وامسح ياهو بن نمشي ملكًا على إسرائيل, وامسح إليشع بن شافاط من آبل محولة, خليفة لك.
وهكذا ينطلق إليا التشبِّي (في الغالب اسم بلدة), من دائرة النبي المحلي في مملكة إسرائيل, الشمالية, لتصبح له رسالة تضم دائرة أوسع في منطقة الشرق الأدنى القديمة, كما يختار نبيّا يخلفه في هذا العمل الضخم هو إليشع الذي يسمى بالعربية (اليسع), وهذا ما يفسِّر لنا اقتران الاسمين إلياس واليسع معًا عند ذكر الأنبياء في التراث العربي.
إلياهو يتنبأ بمقتل إيزابيل الكافرة وأن جثتها ستأكلها الكلاب!
أدار النبي إلياهو خطته التي رسمها الله له بإحكام ودقّة حتى علا شأنه جدًا وتنبأ بهزيمة الملك آخاب وبأن زوجته الكافرة إيزابل ستُقتل وتأكلها الكلاب, هى وكل عصاة بني إسرائيل, ومن لم تأكله الكلاب منهم فستتخطفه جوارح الطير.
واستمرت مملكة إسرائيل في عدائها لإليا النبي بعد موت أحاب حتى أرسل إليه خليفته "أحازيا" فِرَقًا من جيشه تريد أن تستدرجه وتنزله عن الجبل الذي اعتصم به. كانت كل فرقة تتألف من خمسين جنديًا عليهم قائد, فيأمر إليا السماء فترسل عليهم نارًا تلتهمهم.
وكانت آخر كرامات هذا النبي هو صعوده حيًا إلى السماء حيث يعتقد اليهود أنه موجود فيها حتى الآن.
وكان أخذ إلى السماء بينما كان سائرًا مع النبي إليسع وهما يتحادثان, إذا مركبة ناريّة وخيل نارية فصلت بينهما, وطلع إليا في عاصفة نحو السماء وإليسع يبصر ويصرخ, ..., ثم لم يره بعد: ورفع رداء إليا الذي سقط عنه وضرب الماء وقال: أين الرب إله إليا الآن؟ وضرب الماء فانفلقت من هنا وهناك وعبر اليشع.
لكل ذلك اعتقد كثير من اليهود بأن النبي إلياهو لا يزال حيًا في السماء وأنه ينزل من حين إلى حين إلى هذه الدار الفانية ليطمئن على أنه لا يزال هناك يهود يقيمون الطقوس والشعائر والأعياد حسب ما تقرر عليهم من قديم الزمان.
ووجد الخيال الشعبي اليهودي في أحلك أوقاته غذاء خصبًا في سيرة النبي الياهو, فهو عند أطفال اليهود يقابل "بابانويل" عند أطفال العالم المسيحي, يزورهم في المنام حاملا لهم اللعب والهدايا, وينزل من السماء ليكون ضيفًا على الأتقياء يعلمهم توراة الرب, ويأتيهم بالخيرات والبركات.
ويذكر أن الربي "يوساي" كان صديقًا للنبي الياهو إذا دعاه حضر اليه توًا من السماء.
ولا تكاد تذكر في الحكايات اليهودية قصة فرج بعد شدّة أو جزاء عادل على عمل ما, أو حادثة خارقة للعادة, أو تدخل معجز من الملائكة كجبريل وميكائيل إلا أفسح الفكر اليهودي فيها مكانًا للنبي الياهو ايضًا.
واقتضت تقاليد عيد الفصح في بعض خطواتها, عندما يصب النبيذ في كئوس, أن يُصبّ كأس للنبي إلياهو أيضًا. كما يؤتي بكرسي معين, يصنع خصيصًا يُسمّى "كرسي النبي إلياهو" ليوضع أو يجلس عليه السنداك (وهو الشخص الذي يجلس على ركبتيه الطفل الذي تُجرى له عملية الختان في اليوم الثامن لميلاده), تبركًا بالنبي الياهو واعتقادًا في نزوله لحضور هذا الطقس المهم في اليهودية. وكذا يكون الكرسي موجودًا في الاحتفالات الدينية كنوع من التشريف والتبرّك بحضور النبي الياهو!
...................................................................
المصدر : الكتاب القيِّم "الفكر الديني الإسرائيلي, أطواره ومذاهبه, للأستاذ الدكتور/ حسن ظاظا, مركز البحوث والدراسات الفلسطينية, 1971, ص 118 – 130.
تتوالى معجزات النبي إلياهو (هو إلياس واليسع في التراث الإسلامي), فهو يُنزل المطر من السماء, ويسيِّر السحاب, ولكنه مع ذلك يخشى من انتقام الملك "أحاب" فيهرب نحو أرض يهودا, حتى يصل إلى بئر سبع. وهناك أدركه الجوع فاضطجع في البرية ينتظر الموت, وإذا بأحد الملائكة قد جاء فلمسه, وقال له: قم فكل!
فالتفت فوجد عند رأسه رغيفًا وجرّة ماء, فأكل وشرب ثم اضطجع. فجاءه ملك الرب مرة أخرى ولمسه, وقال: قم فكل, فإن الطريق أمامك بعيدة.
فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الوجبة أربعين يومًا وأربعين ليلة, إلى جبل حوريب, وهو الجبل الذي سمع فيه موسى صوت الله.
وبات في مغارة هناك فجاءه كلام الرب يقول:
ما بالك ههنا يا إليا؟
فقال: إني ثُرت ثورة للرب إله الجنود, لأن بني إسرائيل قد نبذوا عهدك, وقوضوا مذابحك, وقتلوا أنبياءك وبقيت أنا وحدي وقد طلبوا روحي ليأخذوها.
فقال : أخرج وقف على الجبل أمام الرب!
فإذا الرب عابر, وريح عظيمة عاتية تصدع الجبال وتحطم الصخور أمام الرب, ولم يكن الرب في الريح . وبعد الريح زلزلة , ولم يكن الرب في الزلزلة وبعد الزلزلة نار, ولم يكن الرب في النار. وبعد النار حفيف نسيم لطيف, فلما سمع إليا ستر وجهه بردائه وخرج ووقف بمدخل المغارة, فإذا بصوت يقول له :
ما بالك يا إليا؟
فقال : إني ثرت ثورة للرب إله الجنود وكرر عبارته السابقة.
فقال الرب : أمض فارجع في طريقك نحو برية دمشق, فإذا وصلت فامسح حزائيل ملكًا على آرام. وامسح ياهو بن نمشي ملكًا على إسرائيل, وامسح إليشع بن شافاط من آبل محولة, خليفة لك.
وهكذا ينطلق إليا التشبِّي (في الغالب اسم بلدة), من دائرة النبي المحلي في مملكة إسرائيل, الشمالية, لتصبح له رسالة تضم دائرة أوسع في منطقة الشرق الأدنى القديمة, كما يختار نبيّا يخلفه في هذا العمل الضخم هو إليشع الذي يسمى بالعربية (اليسع), وهذا ما يفسِّر لنا اقتران الاسمين إلياس واليسع معًا عند ذكر الأنبياء في التراث العربي.
إلياهو يتنبأ بمقتل إيزابيل الكافرة وأن جثتها ستأكلها الكلاب!
أدار النبي إلياهو خطته التي رسمها الله له بإحكام ودقّة حتى علا شأنه جدًا وتنبأ بهزيمة الملك آخاب وبأن زوجته الكافرة إيزابل ستُقتل وتأكلها الكلاب, هى وكل عصاة بني إسرائيل, ومن لم تأكله الكلاب منهم فستتخطفه جوارح الطير.
واستمرت مملكة إسرائيل في عدائها لإليا النبي بعد موت أحاب حتى أرسل إليه خليفته "أحازيا" فِرَقًا من جيشه تريد أن تستدرجه وتنزله عن الجبل الذي اعتصم به. كانت كل فرقة تتألف من خمسين جنديًا عليهم قائد, فيأمر إليا السماء فترسل عليهم نارًا تلتهمهم.
وكانت آخر كرامات هذا النبي هو صعوده حيًا إلى السماء حيث يعتقد اليهود أنه موجود فيها حتى الآن.
وكان أخذ إلى السماء بينما كان سائرًا مع النبي إليسع وهما يتحادثان, إذا مركبة ناريّة وخيل نارية فصلت بينهما, وطلع إليا في عاصفة نحو السماء وإليسع يبصر ويصرخ, ..., ثم لم يره بعد: ورفع رداء إليا الذي سقط عنه وضرب الماء وقال: أين الرب إله إليا الآن؟ وضرب الماء فانفلقت من هنا وهناك وعبر اليشع.
لكل ذلك اعتقد كثير من اليهود بأن النبي إلياهو لا يزال حيًا في السماء وأنه ينزل من حين إلى حين إلى هذه الدار الفانية ليطمئن على أنه لا يزال هناك يهود يقيمون الطقوس والشعائر والأعياد حسب ما تقرر عليهم من قديم الزمان.
ووجد الخيال الشعبي اليهودي في أحلك أوقاته غذاء خصبًا في سيرة النبي الياهو, فهو عند أطفال اليهود يقابل "بابانويل" عند أطفال العالم المسيحي, يزورهم في المنام حاملا لهم اللعب والهدايا, وينزل من السماء ليكون ضيفًا على الأتقياء يعلمهم توراة الرب, ويأتيهم بالخيرات والبركات.
ويذكر أن الربي "يوساي" كان صديقًا للنبي الياهو إذا دعاه حضر اليه توًا من السماء.
ولا تكاد تذكر في الحكايات اليهودية قصة فرج بعد شدّة أو جزاء عادل على عمل ما, أو حادثة خارقة للعادة, أو تدخل معجز من الملائكة كجبريل وميكائيل إلا أفسح الفكر اليهودي فيها مكانًا للنبي الياهو ايضًا.
واقتضت تقاليد عيد الفصح في بعض خطواتها, عندما يصب النبيذ في كئوس, أن يُصبّ كأس للنبي إلياهو أيضًا. كما يؤتي بكرسي معين, يصنع خصيصًا يُسمّى "كرسي النبي إلياهو" ليوضع أو يجلس عليه السنداك (وهو الشخص الذي يجلس على ركبتيه الطفل الذي تُجرى له عملية الختان في اليوم الثامن لميلاده), تبركًا بالنبي الياهو واعتقادًا في نزوله لحضور هذا الطقس المهم في اليهودية. وكذا يكون الكرسي موجودًا في الاحتفالات الدينية كنوع من التشريف والتبرّك بحضور النبي الياهو!
...................................................................
المصدر : الكتاب القيِّم "الفكر الديني الإسرائيلي, أطواره ومذاهبه, للأستاذ الدكتور/ حسن ظاظا, مركز البحوث والدراسات الفلسطينية, 1971, ص 118 – 130.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق