الأحد، 1 ديسمبر 2019

"الصحوة الشيعيَّة" ولماذا تُرجم إلى العبرية؟ (1)

**************************************
تبدو الأمور في إيران على صفيح لا نقول ساخنًا بل ملتهبًا!. ويبدو أن السهام التي تعمدّت الدولة الشيعية توجيهها للسُنَّة في عدد من الدول المجاورة بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية بدأت ترتد إلى صدرها نقمة كاسحة ومميتة!
فأمريكا لم تخرج من العراق قبل تسليم مقاليد الأمور لإيران وشيعة العراق! وبعد هدم الجيش الوطني العراقي وصنع جيش شيعي موالي لإيران (الحشد الشعبي), فضلا عن قيادة الدولة! وكان ذلك كله سببًا فيما نراه اليوم في العراق. وسوف لا استغرق في الكلام استنتاجًا لما نراه على ساحة الأحداث اليوم في العراق وسورية واليمن ولبنان, وأخيرًا وهو ما لا نعرف عواقبه, ما يحدث في إيران, الشيعية!
.................
أما عن كتاب "صحوة الشيعة" فقد لفت نظري أنه ترجم إلى اللغة العبرية, ويحتل مكانة كبيرة هناك لفهم حقيقة الصراع المذهبي وغيره, وسأجتزيء كل يوم جزءًا من ترجمة الكتاب للعربية لفائدة القراء الأعزاء الأفاضل . .
.................
الكاتب ولي نصر: أستاذ سياسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا في دائرة الدراسات العليا التابعة للأكاديمية البحرية، وزميل قديم مساعد في مجلس العلاقات الخارجية. يقيم حالياً في لايولا بولاية كاليفورنيا، مع زوجته وأولاده الثلاثة.
المترجم للعربية: سامي الكعكي / الصفحات: 286 / الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت.
المترجم للعبرية: شيلا أليعازر.
تمهيد
عديدة هي العوامل التي تضغط على الرأي العام عند مجتمع المسلمين باتجاه النظر الى الأمور بسطحية غارقة بتأثيرات انتماءات تغلب عليها العاطفة أكثر من الاعتقاد، ويغلب عليها الاندفاع أكثر من العقل، وهو ما يتضح من خلال تبرير أخطاء الذات (الشخص أو المذهب أو المجتمع)، يوازيه، تأهب مسبق باتجاه تخوين وتسقيط ما يصدر عن الآخر، ولذلك ظلت معظم اختلافتنا الدينية والفكرية والسياسية والاجتماعية تراوح في منطقة الـ (لا حل)، وهي اختلافات – ما زالت – مفخخة تنفجر بين حين وآخر. أحد الأسس التي قامت عليها منطقة الـ (لا حل) هو التكفير الذي يتسع حتى يصل الى القتل على الهوية والانتماء، وهو ما يظهر – خصوصاً – في مواسم عاشوراء وزيارات مراقد أهل البيت (سلام الله عليهم)، وهذا الاندفاع الإيماني" باتجاه القتل – بأبشع الطرق توحشاً – لا ينحصر "أبطاله" بزمرة من "الجهاديين الأصوليين" فقط، وإنما يتسع الى ما هو أكثر، حيث إن التكفيريين "الذباحين" يستندون الى فقه "أئمة" ورأي "علماء" قدامى ومعاصرين، ومنهم من تسميهم وسائل الإعلام متطرفين أو معتدلين... وبالرغم من إن هذا واقع تتجلى تفاصيله – بوضوح – في أكثر من زمان ومكان، لكنه يبقى (الواقع) من ضمن الحقائق الكثيرة التي لا يسلط الضوء عليها إما دعماً له باتجاه تفعيله لغرض استثماره – غالباً – سياسياً أو في إطار الصراع المذهبي (القديم – الجديد) وإما خشية تفاقم هذا الواقع المأزوم الى ما هو أسوأ، وهو بمثابة االفرار الى الى ما يُهرب منه. ولعل كتاب (صحوة الشيعة) يمثل خطوة الى الأمام باتجاه تسليط الضوء على بعض (وربما أهم) الاختلافات التي تتعايش معها مجتمعاتنا وربما تعيشها وهي الى ربها ناظرة وهي حالة السقوط في الجهل المركب والإيمان بالكفر.
مؤلف كتاب (صحوة الشيعة) ولي نصر الباحث في قضايا المنطقة يقف في كتابه على جوانب من حقيقة التناحرات المذهبية والصراعات السياسية داخل الإسلام. فكتابه صحوة الشيعة – كما يرى الناشر – "رواية تاريخية ثاقبة لبواطن الأمور في الصراعات التي عصفت بالعالم الإسلامي على مرّ القرون، وكيف إن المستقبل نفسه يبقى رهناً بإيجاد حلّ سلمي للمنافسة قديمة العهد القائمة بين السنّة والشيعة".
وفي هذه القراءة السريعة للكتاب لابد من الوقوف عند محطة عاشها المؤلف قبل كتابة كتابه لما في هذه الواقعة من تفاصيل ومضامين تفتح للقارئ نوافذ ومدارك للاقتراب – أكثر – باتجاه فهم الأمور كما هي. يقول الكاتب في تمهيده للكتاب:
"في أوائل عام 2003، وبالتحديد حوالي بدء الحرب في العراق، كنتُ في زيارة لصديق قديم لي من الشيعة في باكستان. يومها رحنا نتحدث عن التغييرات والتحوّلات التي أخذت تكتسح الشرق الأوسط. بالنسبة لصديقي هذا، كان هناك شيء ملتوٍ ويبعث على السخرية من كل ذلك الحديث عن السُنّة والشيعة الذي يملأ أمواج الأثير ويبلبل بوضوح أفكار أولئك الناس في الغرب ممّن يظنون أن كل ما يهم في العراق والشرق الأوسط هو النضال في سبيل الديمقراطية. وهذا ما حدا به إلى استعادة حوار جرى له مع مسؤول أميركي رفيع المستوى. لقد كان صديقي من كبار الموظفين الحكوميين الباكستانيين في ثمانينيات القرن العشرين، وكان يعمل ضابط ارتباط مع البنتاغون في إدارة دفة الحرب ضد السوفييت في أفغانستان. فتذكّر أنه في تلك الأيام الخوالي، عندما كان بعض الشيعة يشنون حرباً نشطة ضد الولايات المتحدة، وكان المجاهدون الأفغان هم "الأبطال" و"الأخيار"، كثيراً مما كان يحلو لنظيره الأميركي ـ وهو مسؤول رفيع في البنتاغون ـ أن يغيظه بالقول إن الشيعة غيلان متعطشة للدماء. فكان صديقي يردّ على ذلك بأن الأميركيين لا يفهمون الأمور حق الفهم. كان يقول لزميله الآتي من الولايات المتحدة: حسبك أن تنتظر لترى الأمور على حقيقتها. إن المشكلة الحقيقية ستكون مع السُنة. إنهم هم المُسْتَكْبِرون والشيعة هم المُستَضْعَفون. ومر الزمن وتقاعد صديقي من الوظيفة الحكومية. وذات عصرٍ خريفي ناعس من خريف عام 2001، وكان ذلك بُعيد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، إذا به يستيقظ من غفوته الخفيفة على زعيق أبواق قافلة من السيارات السوداء المطهّمة تكرج قاصدة منزله في إسلام آباد. لقد عاد صديقه الأميركي القديم ـ وهو الذي صار الآن شخصاً مهماً في واشنطن ـ عاد إلى باكستان مجدداً ليُدير حرباً أخرى في أفغانستان، وقد ارتأى أن يعرّج عليه أولاً. سأل الأميركي صديقي الباكستاني: أما زلتَ تذكر نقاشاتنا طوال تلك السنوات عن الشيعة والسُنّة؟ أُريدك أن تشرح لي ماذا كُنتَ تقصد بقولك إن السنة هم من سيشكّلون لكم المشكلة الحقيقية. وهكذا شرح صديقي له الفوارق ما بين الطائفتين المسلمتين، ومَنْ تغلّب على مَنْ ومتى كان ذلك ولماذا، وماذا يعني كل ذلك اليوم. وما قاله صديقي لزائره الأميركي اكتسب أهمية أكبر، خاصةً وأن الحرب العراقية أضافت طبقة جديدة من التعقيدات على المشاكل الشائكة أصلاً التي كانت تواجه الولايات المتحدة غداة 11 أيلول/ سبتمبر. فهناك الآن أيضاً مضاعفات ومفاعيل النزاع الشيعي ـ السُنّي التي ينبغي أخذها في الحُسبان، وفي الوقت الذي يتعين فيه على القادة الأميركيين البحث عن سُبُل لاحتواء خطر التطرُّف الإسلامي، والسعي فوق ذلك إلى تحقيق الإصلاحات في الشرق الأوسط".
يتبع
د. سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق